د.ياسر عبد الوهاب .. المشاركة الشعبية في الانتخابات، وإقبال الناس على التصويت سيجهض أي محاولة للتزوير؛ لأن التزوير لا يتم إلا عندما يغيب الناس تاركين المزور يصول ويجول دون رادع ..

الاثنين، 17 يناير 2011

همم وقمم


همم وقمم

كتب الامام البنا موضوع انشاء فى سنة تخرجه 1927وكان الموضوع بعنوان:

 " اشرح أعظم آمالك بعد إتمام دراستك ، وبين الوسائل التي تعدها لتحقيقها "

. وقد كتب رحمه الله هذا الموضوع : " أعتقد أن خير النفوس تلك النفوس الطبية التي ترعي سعادتها في إسعاد الناس وإرشادهم ، وتستمد سرورها من إدخال السرور عليهم ، وذود المكروه عنهم ، وتعد التضحية في سبيل الإصلاح العام ربحة وغنيمة ، و الجهاد في الحق والهداية – علي توعر طريقهما ، وما فيه من مصاعب ومتاعب – راحة ولذة ، وتنفذ إلي أعماق القلوب فتشعر بأدوائها ، وتتغلغل في مظاهر المجتمع ، فتتعرف ما يعكر علي الناس صفاء عيشهم ومسرة حياتهم ، وما يزيد في هذا الصفاء ، ويضاعف تلك المسرة ، لا يحدوها إلي ذلك إلا شعور بالرحمة لبني الإنسان ، وعطف عليهم ، ورغبة شريفة في خيرهم ، فتحاول أن تبرئ هذه القلوب المنقبضة ، لا تحسب ساعة أسعد من تلك التي تنفذ فيها مخلوقا من هوة الشقاء الأبدي أو المادي ، وترشده إلي طريق الاستقامة والسعادة"
" وأعتقد أن العمل الذي لا يعدو نفعة صاحبه ، ولا تتجاوزا فائدته عامله ، ولا تتجاوزا فائدته عامله ، قاصر ضئيل ، وخير الأعمال وأجلها ذلك الذي يتمتع بنتائجه العامل وغيره ، من أسرته وأمته وبني جنسه ، وبقدر شمول هذا النفع يكون جلاله وخطره ، وعلي هذه العقيدة سلكت سبيل المعلمين ، لأني أراهم ساطعا يستنير به الجمع الكثير ويجري في هذا الجم الغفير ، وإن كان كنوز الشمعة التي تضئ للناس باحتراقها " .
" وأعتقد أن أجل غاية يجب أن يرمي الإنسان إليها ، وأعظم ربح يربحه أن يجوز رضا الله عنه ، فيدخله حظيرة قدسه ، ويخلع عليه جابيب أنسه ، ويزحزحه عن جحيم عذابه ، وعذاب غضبه ، والذي يقصد إلي هذه الغاية يعترضه مفرق طريقين لكل خواصه ومميزاته ، يسلك أيهما شاء :
أولهما : طريق التصوف الصادق ، الذي يتلخص في الإخلاص والعمل ، وصرف القلب عن الاشتغال بالخلق خيرهم وشرهم . وهو أقرب وأسلم .
والثاني : طريق التعليم والإرشاد ، الذي يجامع الأول في الإخلاص والعمل ، ويفارقه في الاختلاط بالناس ، ودرس أحوالهم ، وغشيان مجامعهم ، ووصف العلاج الناجع لعللهم ، وهذا أشرف عند الله وأعظم ، ندب إليه القرآن العظيم ، ونادي بفضله الرسول الكريم ، وقد رجح الثاني – بعد أن نهجت الأول – لتعدد نفعه ، وعظيم فضله ، ولأنه أوجب الطريقين علي المتعلم وأجملهما بمن فقه شيئا ( لينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون ) .
" وأعتقد أن قومي – بحكم الأدوار السياسية التي اجتازوها ، والمؤثرات الاجتماعية التي مرت بهم ، وبتأثير المدينة الغربية ، والشبه الأوروبية ، والفلسفة المادية ، والتقليد الفرنجي – بعدوا عن مقاصد دينهم ، ومرامي كتابهم ، ونسوا مجد آبائهم ، وآثار أسلافهم ، والتبس عليهم هذا الدين الصحيح بما نسب إليه ظلما وجهلا ، وسترت عنهم حقيقته الناصعة البيضاء ، وتعاليمه الحقيقية السمحة ، بحجب من الأوهام يحسر دونها البصر ، وتقف أمامها الفكر ، فوق العوام في ظلمة الجهالة ، وتاه الشبان والمتعلمون في بيداء حيرة وشك ، أورثا العقيدة فسادا ، وبدلا الإيمان إلحادا .. ! "
" وأعتقد كذلك أن النفس الإنسانية محبة بطبعها ، وأنه لابد من جهة تصرف إليها عاطفة حبها ، فلم أر أحدا أولي بعاطفة حبي من صديق امتزجت روحه بروحي ، فأوليته محبتي ، وآثرته بصداقتي " .
" كل ذلك اعتقده تأصلت في نفسي جذوتها ، وطالت فروعها ، واخضرت أوراقها ، وما بقي إلا أن تثمر ، فكان أعظم آمالي بعد إتمام حياتي الدراسية أملان :
( خاص ) – وهو إسعاد أسرتي وقرابتي ، والوفاء لذلك الصديق المحبوب ، ما استطعت إلي ذلك سبيلا ، وإلي أكبر حد تسمح به حالتي وبقدرتي الله عليه .
( وعام ) – وهو أن أكون مرشداً معلما ، إذا قضيت في تعليم الأبناء سحابة النهار ، ومعظم العام قضيت ليلي في تعليم الآباء هدف دينهم ، ومنابع سعادتهم ، ومسرات حياتهم ، تارة بالخطابة والمحاورة ، وأخري بالتأليف والكتابة ، وثالثة بالتجول والسياحة .
وقد أعددت لتحقيق الأول معرفة بالجميل ، وتقديرا للإحسان و " هل جزاء الإحسان إلا الإحسان ؟ " ولتحقيق الثاني من الوسائل الخلقية : " الثبات والتضحية " وهما ألزم للمصلح من ظله وسر نجاحه كله ، وما تخلق بهما مصلح فأخفق إخفاقا يزري به أو يشينه ، ومن الوسائل العملية : درسا طويلا ، سأحاول أن تشهد لي به الأوراق الرسمية ، وتعرفا بالذين يعتنقون هذا المبدأ ، ويعطفون علي أهله ، وجسما تعود الخشونة علي ضآلته وألف المشقة علي نحافته ، ونفسا بعتها لله صفقة رابحة ، وتجارة بمشيئته منجية ، راجيا منه قبولها ، سائلة إتمامها ، ولكليهما عرفانا بالواجب وعونا من الله سبحانه ، اقرؤه في قوله " إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم " .
" ذلك عهد بيني وبين ربي ، أسجله علي نفسي ، وأشهد عليه أستاذي ، في وحدة لا يؤثر فيها إلا الضمير وليل لا يطلع عليه إلا اللطيف الخبير " ومن أوفي بما عاهد عليه الله فسيؤتيه أجر عظيما " .

السبت، 15 يناير 2011

مصر وتونس بين ظلام الليل وبزوغ الفجر

مصر وتونس بين ظلام الليل وبزوغ الفجر

دار بينى وبين الكثير من الاحباب من اهالى الدائرة الاعزاء حوارات جدية وبناءة وكان أهم ما يلفت النظر-رغم الايجابية-اليأس من مستقبل مشرق يسطع بنوره على هذا البلد العظيم وسردوا لذلك اسبابهم التى تتلخص فى نظام ظالم شاخ وبلغ من الكبر عتيا لا يفكر الا بالقبضة الامنية والبطش ومجموعة من المنتفعين الذين لا يرون الا مصالحهم وحماية البيزنس الخاص بهم وسياسات فاشلة متخبطة لاتحقق الحد الادنى من تطلعات الشعب المسكين الذى يعيش أغلب سكانه حول خط الفقر
وكان محور الرد يدور حول سنة الله عز وجل فى كونه والتى لا تتبدل ولا تتغير (وتلك الايام نداولها بين الناس)وقوله تعالى (ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) وقوله تعالى (ان تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم)
ولعل أهم ما يبعث على الامل سورة الحشر التى يخبر الحق فيها أن الله فوق الجميع وأن الامور لا تقاس بالمقاييس البشرية وانما بقدرة الملك سبحانه ونترك السورة تتحدث(...ما ظننتم أن يخرجوا وظنوا أنهم مانعتهم حصونهم من الله فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا وقذف فى قلوبهم الرعب...الاية)

ومن يطالع  المشهد المصرى والتونسى يجد تطابقا عجيبا
الظلم –الديكتاتورية –التزوير-سيطرة رأس المال على السلطة-نظام لايفكر الا بالقبضة الامنية العاتية-التعذيب ووراء الشمس-احمدعز فى مصر وصخر الماطرى فى تونس ثم يأذن الله عز وجل أن يأتى الفرج بشرارة تنطلق بانتحار شاب بسبب القبضة الامنية التى حاربته فى رزقه فتنطلق انتفاضة تهز عرش عرش واحد من أعتى الطغاة فى العصر الحديث وكم كان مضحكا وهو يخرج على قومه ويكذب ويرتعش ويقول أنا فهمتكم خلاص انا فهمت الجميع ويكررها بذل وهوان ولكن هيهات أن يصدق الناس ولسان حالهم يقول (كان من الاول)
ثم يقذف الله عز وجل فى قلبه الرعب فيفر بطائرته والعجب أن حليفه الأكبر ساركوزى بل العالم أجمع  يرفض استقباله كما رفض من قبل استقبال شاه ايران وشاوشيسكو وجعفر نميرى وغيرهم.
ذكرت احبابى بهذا المشهد أن يفر الطغاة بجندى من جنود الله وهو الرعب كما أخبر سبحانه فى سورة الحشر
وأخيرا ليت هناك بقية من عقل فيراجعوا التاريخ والواقع ويفقهوا الدروس ويصالحوا شعبهم قبل أن يلعنوا على صفحات التاريخ أو الأقرب منه أن يأتيهم بو عزيزى اخر
وليتذكر الناس أن سنة الله ماضية  ( والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لايعلمون)

والى فجر جديد باذن الله تعالى

الأربعاء، 12 يناير 2011

د. خالد أبو شادي يكتب: اقلب الصفحات]


د. خالد أبو شادي يكتب: اقلب الصفحات
]
  

د. خالد أبو شادي
غيرك مات وأنت ما زلت حيًّا تقرأ هذه الكلمات، ولو متَّ لعلمت كم تساوي ركعة واحدة لدى ميت من الأموات، ولعاينت كيف يرى المعذبون في قبورهم لحظةً واحدةً من لحظات الحياة، فاحمد الله الذي أحياك، وانظر اليوم:

* ماذا تُملي على ملائكتك؟
أخي.. لسانك أقلام، وريقك مداد، ولا يكف الملكان عن كتابة أعمالك، ورصد خطواتك، ورفع التقارير عنك في حلِّك وترحالك.

واعلم أنك بعملك تبني في عام، وتحصد على مدار الأعوام، فأفعالك تعيد تشكيل سلوكك، وحسناتك تعمِّق جذور إيمانك، أما سيئاتك فتقتلعه، فلا تحتقر حسنة بعد اليوم، ولا تستصغر أي سيئة.

هذه وصايا عشر، أرمي بها من جعبتي في نحر الشيطان، ونحن نستقبل عامًا جديدًا؛ لننظر إليه برؤية جديدة، ونجعل منه بحق علامة فارقة، ونخرج منه بأفضل ما فيه.

* اقلب الصفحة..
ابدأ عهدًا جديدًا.. امح ماضيك المؤلم.. استبعد ذكريات فشلك.. ابدأ وكأنك وُلِدت اليوم.. حرِّر نفسك هذا العام من مكيدة شيطانية تستهدف دفعك إلى خانة اليأس ومحاصرتك في مربع الفشل، ليذبح بذلك حيويتك الإيمانية ويخنق صحوات توبتك..

ارفع شعارك أخي: "ما فات مات، والأهم ما هو آتٍ"، وابدأ بداية جديدة في صفحة عُمْرية جديدة.. ليست كل عام فحسب بل كل يوم وكل ساعة، حتى ينتحر اليأس فلا يعرف إلى قلبك سبيلاً.

1- صحائف لا تُطوى..
اسطر في صحيفتك هذا العام أعمالاً تجعل صحيفتك منشورة لا تُطوى بعد موتك، واقرأ في تمعن حديث رسولك صلى الله عليه وسلم، وكأنه يُملي عليك أفضل ما يُزيِّن الصحائف:
"سبعٌ يجري للعبد أجرهن، وهو في قبره بعد موته: من علَّم علمًا، أو كرى نهرًا، أو حفر بئرًا، أو غرس نخلاً، أو بنى مسجدًا، أو ورَّث مصحفًا، أو ترك ولدًا يستغفر له بعد موته" (حسن لغيره: رواه البزار وأبو نعيم في الحلية كما في صحيح الترغيب والترهيب رقم: 73).

ثم اجلس مع نفسك متفكِّرًا ومخطِّطًا كم من هذه السبعة ستدرك هذا العام، وأي منها سيجري عليك أجره بعد الموت، لتجعل بهذا عامك مختلفًا ونبعك فياضًا بعدما غرست ما تجني به أطيب الثمر في جنات ونهر.

2- جديد يحمل جديدًا..
هذا عامٌ جديد فاجعله يحمل بين طياته عملاً جديدًا، واسأل نفسك طالبًا الإجابة:

* ما العبادة التي ستواظب عليها هذا العام ولم تواظب عليها من قبل؟

* ما الخُلق الذي تنوي أن تتحلى به وقد صعب عليك فيما مضى؟

* أي خلق سيئ تشكو منه وتنوي هذا العام أن تمحوه من معاملاتك وتشيِّعه إلى المقبرة؟

* ما المهارة التي عزمت على أن تصقلها وتطوِّرها في نفسك لتخدم بها قومك وأمتك؟!

3- وقديمٌ يزداد بريقًا..
في صحائفك أعمالٌ كنت تعملها وتواظب عليها، لكنها تحتاج منك اليوم إلى إعادة نظر ومراجعة، ولأن ناشد الكمال دومًا في ارتحال، فأنت اليوم غير راضٍ عنها ساعٍ في الارتقاء بها:

* صلاة غير خاشعة..
* إتقانٌ لعملك المهني غير تام..
* قراءةٌ للقرآن غير متدبّرة..
* استغلال غير أمثل للأوقات..
* علاقة بالجيران والإخوان سطحية..
* عمل للإسلام لكنه غير فعال أو متذبذب..
كل هذه فرص سانحة لكي تحسِّن خطك هذا العام، وتجوِّد في صحيفتك، وعينك كلما فترت الهمة وأثقلت الأعباء على قول ربك: ﴿لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً﴾ (الملك: من الآية 2).

4- امح واكتب..
اجعل كتابتك قابلة للمحو، وذلك بيقظتك وانتبهاتك لكل ما تخط في صحيفتك، ثم إعلان توبتك فور زلتك، آخذًا في الحسبان عنصر الزمن ومزية سرعة الإفاقة كما في بشرى نبيك صلى الله عليه وسلم:
"إن صاحب الشمال ليرفع القلم ست ساعات عن العبد المسلم المخطئ، فإن ندم واستغفر الله منها ألقاها وإلا كُتبت واحدة" (حسن: رواه الطبراني عن أبي أمامة كما في صحيح الجامع رقم: 2097). 

5- تخير أجمل الجمل:
"أي العمل أفضل يا رسول الله؟!".. سؤال طالما رفعه الصحابة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليخبرهم- وهو المؤيَّدِ بالوحي من السماء- بما يشفي الغليل ويروي الظمأ، وهي جملة تعكس لهفة الصحابة على أعظم الأعمال أجرًا وأعلاها قدرًا، فلتملأ هذه الجملة مسامعك من الآن حين تقدم على عمل صالح لتفاضِل بين الطاعات وتنتقي أزكى القربات.

لكل وقت أذان، وبحسب ما يحيط بك من أحوال تتحدد الأولويات، فحين تجد نفسك وسط جهل يحتاج فيه الناس لعلم.. أو فقر يفتقدون فيه المال.. أو كرب يلتمسون فيه شفاعة.. أو تخلف مهني يحتاجون فيه لنهضة وتطوير.. أو تدهور خلقي يفتقدون فيه أخلاق النبلاء.. وأنت تملك هذا كله أو بعضه، فاعلم أنها فرصتك في اقتناص رقعة في الجنة أكبر وأغلى!!.

6- املأ صحائف غيرك..
وسِّع أفقك.. وسابق أحلامك في هداية ضال وجذب شارد إلى رحاب الله.. قلِّب النظر فيمن حولك؛ لتجد الدنيا ملأى بالضالين غاصةً بالغافلين، فيكون هذا العام فاصلاً لك بين عهدين: الصلاح والإصلاح.

وما أحلى أن تموت وصحائف أخرى ترسل لك الثواب، وتعلي قدرك عند رب الأرباب، وما تزال صحائف عمرو بن العاص تربو كل يوم بأعمال أهل مصر، وصحائف عقبة بن نافع بأعمال أهل تونس، وصحائف العلاء بن الحضرمي بأعمال أهل البحرين، وغيرهم من فاتحي القلوب وتجار الآخرة.

6- قلمٌ لا يتوقف..
اشغل ملك الحسنات ما استطعت حتى في أوقات راحتك وساعات نومك.. اقلب عاداتك حسنات.. جدِّد فيها النيات.. بادر اللحظات.. يحفِّزك على ذلك صحابة سبقوك وتابعون أغروك.. تبغي اللحاق بهم ومزاحمتهم على الحوض..

وحافزٌ آخر في المقابل هو خوف الخسارة؛ حيث حسرات القبور بلا دواء.. وأغلال النار بلا فكاك.. وخسارة الآخرة خسارة الأبد.

7- بداية الصفحة وآخرها..
ابدأ يومك.. ابدأ شهرك.. ابدأ عامك.. بطاعة واختمه بطاعة، فالبدايات والخواتيم عليها مدار الفوز والخسارة.. ابدأ يومك بصلاة فجر أو قيام سحر، واختمه بنوم على سلامة صدر وطهارة بدن، فلو كان أول سطر في صحيفتك خيرًا وآخر سطر فيها خيرًا لمحا الله لك ما بينهما، وأنا أستبشر هنا ببشارة حبيبنا صلى الله عليه وسلم:

"الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان: مكفِّراتٌ ما بينهن إذا اجتُنِبَتْ الكبائر" (صحيح: كما في السلسلة الصحيحة رقم: 3322).

وإذا كان كتاب عمرك أول سطر فيه أذانٌ قرع أذنك عقب ولادتك، فاستبشر بأن يكون آخر سطر فيه إن شاء الله كلمة التوحيد ينطق بها لسانك، لتكون جواز عبورك إلى الجنة.

8- الحبر السِّري..
اجعل مما تكتب عملاً صغيرًا؛ لكنه خفي لا يعلمه إلا الله، ودائم لا ينقطع مع تقليب الصفحات أي مرور الأيام، ترعى بذلك في قلبك بذرة الإخلاص وتتعاهدها، فتكون الجندي المجهول الذي لا يعلم عمله ملكٌ فيكتبه ولا شيطان فيفسده، فلا يكافئه على هذا العمل سوى الذي يعلم السر وأخفى، ومن حافظ على خبيئة من العمل الصالح حفظته، ومن أسرّ بها سرَّته، ومن لم يُطلع عليها أحدًا كافأه الله من جنس عملك، فلا يُطلِع أحدًا على أملاكه في الجنة، جزاءً وفاقًا.

الاثنين، 27 ديسمبر 2010

تذكرة ودعوة

اخوتى وأهلى وأحبائى...........

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته......
كل عام وأنتم بخير فقد مرت علينا هجرة الحبيب صلى الله عليه وسلم ومر علينا يوم عاشوراء وحرى بنا أن نتذكر بعض المعانى من هذين الحدثين الجليلين :
المعنى الاول :الحركة الدؤوبة والعمل المستمر لدين الله عز وجل فهذا نبينا الكريم منذ أن كلفه الله بالرسالة (قم فأنذر)لم يهدأ له جسد ولم يدخر وسعا فى سبيل انقاذ البشرية من الزيغ والضلال ولم يتوانى فى دلالة العباد على رب العباد وتحمل فى ذلك العنت والأذى ما تنأى بحمله الجبال ثم تأتى الهجرة فيترك بلده التى أحبها وأهله وعشيرته من أجل اعلاء كلمة التوحيد وهداية البشرية الى خالقها وبارئها فحرى بنا ان كنا حقا من أتباع النيى الكريم أن نحذو حذوه ونسيرعلى خطاه حتى نلقاه على الحوض ان شاء الله غير مبدلين ولا مغيريين
وأما المعنى الثاني: نتذكره من يوم عاشوراء فهو يوم النجاة ويوم اليقين ويوم الأمل
يوم نجاة الفئة المؤمنة من فرعون وملأه بل وأقر الله عين الفئة المؤمنة بهلاك الطاغية
يوم اليقين:بكل المقاييس التى يعرفها الناس كان هلاك موسى وقومه واقع لامحالة فالبحر أمامهم وفرعون خلفهم فتأتى كلمة موسى لتقطع السكون وتذكر الغافلين بأن الله فوق الجميع وأنه لايدور فى ملكه الا ماشاء ان يكون.
وأما الامل فهو أن الباطل مهما علا فى ظاهره فهو الى فناء وزوال فهذا فرعون قد زال ملكه ليس هو فحسب بل ذهب ومعه طواغيته كل فى آن واحد.
 (ان فى ذلك لذكرى لمن كان له قلب او القى السمع وهو شهيد)

دعوة
أما الدعوة فندعوكم الى التفكير ثم العمل كل حسبما يستطيع وكل حسب جهده ووقته كيف يخدم دينه وأهله وعشيرته .
 والى لقاء الاثنين على السكاى بى الساعة الثامنة أترككم فى حفظ الله ورعايته.
والسلام عليكم ورحمة الله
 

تنصر الامم بهؤلاء الرجال

<>
مرج الزهور.. وصناع الحدث

النائب فتحي قرعاوي
بقلم: النائب فتحي قرعاوي

إن الحديث عن إبعاد مرج الزهور ذو شجون، خاصة أن هذه أول مرة يتم تغطية الحدث إعلاميًّا بعد سنوات طويلة على مروره؛ فأحيا بنا الأمل وجدد بنا الثقة بدعوتنا وقيادتنا، وكيف أن الأحداث التي نراها شرًّا في ظاهرها ما هي إلا خير محض؟

لقد نظر سكان الجنوب اللبناني، ومعهم عدد ليس بالقليل من اللبنانيين للوهلة الأولى نظرة تشكك وأحيانًا عدائية عندما رأوا تدفق هذا الكم الكبير الغريب من الفلسطينيين إلى أرض الجنوب اللبناني.. حتى إن بعض الصحف اللبنانية أسهمت في البداية في توجيه سهامها إلى المبعدين، فأحد رسامي الكاريكاتير في إحدى الصحف أنزل رسمًا كاريكاتوريًّا يصور خيامًا مكتوبًا عليها مبعدون فلسطينيون وأحد اللبنانيين يطل من شباك منزله ويتساءل (هيدا تخييم ولا توطين؟)، أما راجح خوري أحد عمداء الصحافة اللبنانية فكتب في صحيفته مقالة لاذعة ومسيئة.. وأذكر من تلك الكلمات: (إن من حق الإسرائيليين إبعاد هؤلاء الإرهابيين، ومَن قال إنهم لا يستحقون هذا العقاب، إنهم يستحقون أكثر، ووصل به التمادي إلى أن قال مَن قال أن شخصًا كالرنتيسي لا يستحق القتل بل الحرق..!)، وكأن الصورة السابقة في نفس المكان ما زالت معششة في أذهان بعض اللبنانيين.

ولكن عندما استقر بنا المقام بدأ المبعدون حياتهم الجديدة وبرنامجهم المنظم ساعة بساعة، بل لحظة بلحظة، الذي فاجأ العالم وعرف مَن لم يكن يعرف أن ها هي حماس..

لقد انهال الإعلام من شتى أرجاء الكرة الأرضية على مرج الزهور؛ فاضطرت الحكومة اللبنانية إلى منع دخول الصحفيين إلى مخيم المبعدين إلا بتصريح خاص من وزارة الإعلام اللبنانية؛ فانهال الصحفيون على الوزارة للحصول على التصاريح؛ ما جعل وزير الإعلام اللبناني يقول إن أعدادًا كبيرة من الصحفيين يأتون يوميًّا لأخذ تصاريح لمقابلة الرنتيسي لا لمقابلة رئيس الجمهورية..!.

لقد رأى الناس لأول مرة في هذا المكان نمطًا آخر ونوعًا جديدًا فريدًا من الفلسطينيين ما ألفوه من قبل، جعلت الذهنية اللبنانية والتعاطف اللبناني من أقصى الجنوب حتى أقصى الشمال تنقلب إلى 180 درجة في تقديري واحترام المبعدين والتعاطف معهم في أيام قليلة.

لقد توجه المبعدون برسائل إلى الحكومة اللبنانية مفادها (نحن مصرُّون على العودة حتى لو متنا عن آخرنا في هذا المكان، ونطلب منكم الإصرار على موقفكم بعدم السماح لنا بدخول لبنان)، وتوجهت إحدى المسيرات التي ضمت كلَّ المبعدين ومئات الضيوف والطواقم الإعلامية في موكب يتقدمه الأخ إسماعيل هنية، وهو يردد ويردد معه الحشد الهائل (حسبنا الله ونعم الوكيل) حتى وصل الجمع إلى الحاجز اللبناني على مدخل مرج الزهور، أوصلوا خلالها رسالةً إلى الحكومة اللبنانية مفادها (شكرًا لكم على موقفكم بعدم السماح لنا بدخول لبنان, نطالبكم باستمرار هذا الموقف وعدم الرضوخ لأية جهة ضاغطة عربية أو دولية..)، لقد كان لمشاهد ظهور المبعدين على أجهزة التلفاز المحلية اللبنانية والعالمية والعربية أدت إلى حالة انقلاب كامل وتعاطف غير مسبوق مع المبعدين وقضيتهم، لقد كانت أخبار المبعدين تتصدر أخبار الجرائد والصحف ومحطات التلفزة اليومية في كل يوم وليلة قبل أخبار الوضع الداخلي في لبنان، حتى إن الكاتب اللبناني ذاته "راجح خوري" يكتب مقالاً في جريدته المشهورة بعنوان مواسم الحج- وقد تزامن كتابة المقال مع موسم الحج لدى المسلمين وموسم عيد الميلاد لدى النصارى- فقال: "على الحجاج أن يؤجلوا الذهاب إلى مكة وبيت لحم هذا العام وأن يتوجهوا للحج إلى مرج الزهور، ذلك لأن حجهم هذا العام إلى مرج الزهور مقدَّم على أي حج؛ لأنه لا يقل أهمية عن الحج إلى الأماكن المقدسة في مكة وبيت لحم)، وكتب إبراهيم سعدة، صاحب القلم المعروف في التهجم على الإسلاميين، في (الأهرام) وبعنوان كبير (نعم للمبعدين في مرج الزهور ولا للإرهابيين في مصر)، وكانت وقتها سلسلة اغتيالات للسياح وأعمال عنف في مصر، وكتب جورج إبراهيم في (الدستور) الأردنية- وهو نقيب الصحفيين الأردنيين في ذلك الوقت- وقد زار المبعدين مع وفد نقابة الصحفيين الأردنيين،  كتب مقالاً عندما تقرأه لأول وهلة تظن أن كاتبه أحد كبار الدعاة وهو يتحدث بانفعال شديد عن حسن الاستقبال الذي لقوه وعن عبقرية الرنتيسي وخفة دمه وروعة كلمات جمال منصور وبداهة وعمق الزهار وفهم ودقة تحليل بسام جرار للمرحلة المقبلة...

وجاءت زيارة مفتي البقاع اللبناني مع وفد مديرية الإفتاء مناسبة لذرف الدموع وهياج المشاعر، فقد تحدَّث الرجل ببلاغة عالية رغم بساطتها وبانفعال شديد بكى معها وأبكانا، وكان مما قاله: (والله إنكم صنعتم وبيضتم وجه الفلسطينيين، فأنتم أنتم القادة، وأنتم مَن تستحقون القيادة"، ثم قال: "والله لقد تحسَّنت أجواء لبنان بقدومكم وتحسن هواء لبنان عندما اختلط بأنفاسكم.. فالبقاع كله يدعو لكم ويتمنى الخير والبركة من وجودكم"، وبعد هذه الكلمة أخذ يتعرف على الرجال؛ حيث كان معظمهم يلبس بنطالونات (ترينج) وجزمًا جلدية، فقالو له: هذا الشيخ محمد فؤاد أبو زيد خطيب المسجد الأقصى، وهذا الشيخ حامد البيتاوي أيضًا خطيب المسجد الأقصى، وهذا الدكتور سالم سلامة رئيس الجامعة الإسلامية وهذا.. فأخذ يبكي ويحتضنهم، وقال للشيخ أبو زيد أرجوك يا خطيب الأقصى أن تضع يدك على جسمي لأتبرك، ضعها هنا وهنا وهنا ثم خلع جبته وعمامته وألبسهما للشيخ، وقال: والله لا يحل لي أن ألبس جبتي وعمامتي وخطيب وشيخ الأقصى بهذه الملابس, فأحرج الشيخ ولبسهما إكرامًا ليمينه ثم أعادهما فأقسم بالله ألا تخلعهما ولا ألبسهما، وعاد إلى بلده بالبنطال والقميص وبدون عمامة.

لقد قال الدكتور موسى أبو مرزوق- الذي كان وقتها رئيس المكتب السياسي-: "إن الحركة ستبقى تستفيد من حدث الإبعاد خلال العشرين سنة المقبلة"، لقد عاش المبعدون عامًا كاملاً لعدد كبير منهم، في حين أن عددًا آخر قضى تسعة أشهر، ما سمعوا خلالها إلا المدح والثناء والتعاطف من كلِّ أحزاب وتنظيمات وفصائل وأحرار العالم وشعوبه؛ لأنهم رأوا الصورة الناضجة والواعية عن الإسلام والواضحة عن المقاومة الإسلامية في فلسطين وفكرها الوسطي المتوازن.

لقد كان حضور الحركة الإسلامية العالمية في كلِّ أرجاء العالم ودعمهم للمبعدين لافتًا وواضحًا, ولا أعتقد أنه يوجد حزب حُرُّ أو تنظيم مناضل أو قادة بارزون أو علماء ومفكرون أو مفتون ومتحدثون، إلا وكان لهم شرف الوصول إلى مرج الزهور أو إرسال الرسائل أو الاتصال عبر الهاتف، وهذا في كل يوم، حيث كنَّا نجتمع مساءً، وكانت السماعات تفتح لتوصل أصوات هؤلاء إلينا، كالدكتور القرضاوي ومفتي الاتحاد السوفيتي وعلماء باكستان والهند وماليزيا وإندونيسيا ومصر والأردن، لقد زارنا وزراء من ليبيا والسودان ومفكرون وقادة عمل إسلامي، كالدكتور فتحي يكن، وأعضاء البرلمان اللبناني عن الجماعة الإسلامية وحزب الله حتى شخصيات مارونية ونقابة الفنانين في مصر، وكم كان مؤثرًا أن يأتي وفد البرلمان الإيطالي برئاسة أحد النواب (المعوقين)- الذي انفجر بالبكاء لحظة وصوله وتأثر كثيرًا من روعة الاستقبال- وقال: "أنا أتعاطف مع الشيخ أحمد ياسين لأني معوق مثله"، وقدم مبلغ عشرة آلاف دولار هدية للمبعدين؟, حتى البوسنة والهرسك أرسلت أحد الإخوة واسمه (عرفان) رغم المجازر التي كانت هناك في ذلك الوقت، فحكى كلامًا مؤثرًا وقدَّم لنا مبلغًا (خمسمائة دولار هدية من أطفال البوسنة) وقال: "أعرف أن هذا المبلغ بسيط، ولكنه في البوسنة كبير وعظيم؛ فقابل المبعدون الهدية بهدية أخرى، فجمعوا له مبلغًا (عشرة آلاف دولار في ربع ساعة..).  

إن معظم النقابات الإسلامية في العالم العربي كلها تقريبًا وفدت إلى مرج الزهور، فنقابات المهندسين والأطباء وأطباء الأسنان.. فأطباء الأسنان الأردنيون مكثوا عندنا أيامًا طويلة حتى عالجوا كلَّ مَن يشتكي من وجع أسنانه, أما نقابة المحامين المصريين، برئاسة الأستاذ سيف الإسلام حسن البنا، فقد استقبلت استقبالاً يليق برؤساء الدول، فاصطف المبعدون صفين متقابلين طويلين، وكان سلام الاستقبال على وقع أنشودة (يا معشر الإخوان لا تترددوا)، فبكى جميع أعضاء الوفد وبكى المبعدون، ما جعل الأستاذ أبو أيمن طه يرد بقصيدة على نفس السياق رحب بالوفد وبالبنا، وترحم على المؤسس حسن البنا فهذه دعوته قد أثمرت وأينعت.

لقد سألنا بعض الصحفيين اللبنانيين، ما مواعيد صيامكم؟، قلنا لهم: لماذا؟.. قالوا إن الناس في لبنان يسألوننا عن أيام صيام المبعدين من أجل أن نصوم معهم..؟.

إن قصص العفة والتعفف عن متاع الآخرين ونظافة اليد وحسن الخلق وغضَّ البصر لها من القصص التي انتشرت في كلِّ بيت لبناني، فالمنطقة المحيطة بالمخيم ملأى بأشجار التين وكروم العنب والتفاح من أشهى الأنواع وألذها، تفاجأ الناس أن بساتينهم لم يدخلها إنسان ولم تمس ثمرها يد مخلوق, وأسوق القصة التالية التي حصلت مع مزارع لبناني؛ حيث سأل جاره قائلاً: "أنا متردد في الذهاب للضيعة، لأتفقد بستان التفاح الذي لي بجوار مخيم المبعدين..".

رد عله الجار قائلاً: أنت تعرف، هؤلاء فلسطينيون، وأعتقد أنهم أكلوا اليابس أولاً ثم أكملوا على الأخضر، فخير لك أن لا تذهب..!.

فتفاجأ الرجل عندما زار بستانه بأن حبة واحدة من بستانه لم يتم التقاطها، وأن شجره مثمر بشكل كبير، فجاء مباشرة إلى المخيم فقال للإخوة: أنا أريد أن أرى الرنتيسي شخصيًّا؛ فدلوه عليه وقال: (يا عمي أنتم نوع من البشر أول مرة نتعرف عليه, وحدث قصته مع الجار، ثم قال لقد غبت عن بستاني شهورًا, ظننت أنه انتهى، ولما زرته اليوم وجدته أحسن مما تركته, اسمع يا دكتور رنتيسي أنا أتبرع لكم بكل البستان لوجه الله ثم إكرامًا لكم)، ورفض الدكتور ومَن حضر المشهد بإصرار أو أن يدفعوا ثمن كل حبة، وخرج الرجل وعاد في اليوم التالي ومعه شاحنة؛ حيث قطف كل التفاح من بستانه وجاء به إلى المبعدين..!!.

لقد كان موقفًا مؤثرًا عجزت الكلمات عن وصفه سوى استذكار قوله تعالى: ﴿وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِّنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي﴾ (طه: من الآية 39).

لقد نظَّم المبعدون أوضاعهم واستوعبوا صدمة الإبعاد في زمن قياسي فشكلت لجنة- قيادة المخيم- التي عممت في لحظاتها الأولى أنه يمنع مهاجمة أية دولة عربية في أي حال؛ لأن معركتنا ليست معهم, كما يُمنَع مهاجمة (م.ت.ف)؛ لأن معركتنا مع الاحتلال, ونبه التعميم المبعدين أن يضعوا في وجدانهم أنهم عائدون، فالصبر الصبر والثبات الثبات وضبط اللسان.

ثم كانت لجنة الساحة المشرفة على كلِّ داخل وخارج وعلى العدد اليومي؛ للتأكد من وجود الجميع في ساعة واحدة.

لم تفت المبعدين صلاة جماعة واحدة رغم تراكم الثلوج ولم تفتهم صلاة جمعة واحدة، رغم انهمار المطر والثلج، وكان شعار المرحلة فضحًا إعلاميًّا لجرائم الاحتلال واستجلابًا للأنصار والمتضامنين حول العالم؛ للدفع تجاه عودتنا وقبل ذلك الدعاء والاستغاثة بالله، فصلاة الحاجة وقيام الليل والصيام أسلحة تلك المرحلة.

ومن اللجان المشكلة اللجنة الهندسية التي أوصلت الماء إلى جانب كلِّ خيمة والكهرباء إلى داخل كل خيمة وشكلت بلدية مخيم العودة التي حوت مجموعة من المهندسين، فحددت حدود المخيم وساعات الخروج والتزام الخيام, واللجنة الطبية التي عملت بالحد الأدنى من الأدوات، فلم تسجل حالة ارتفاع ضغط أو ارتفاع السكر عند مرضى السكر ولا حتى حالات رشح أو إنفلونزا، رغم شدة المطر والبرد وتراكم الثلج، ولعل اللجنة الإعلامية- وهي أكبر اللجان وأوسعها وأكثرها فعاليات- فأعتقد أنها قامت بدور أكبر وأكثر فعالية من وزارة إعلام في دولة ذات مؤسسات- هذه ليست مبالغة- لقد انبثقت عن هذه اللجنة, لجنة الناطق الرسمي التي تتابع تصريحاته وتضع بين يديه كل المستجدات على صعيد المبعدين والوضع الفلسطيني برمَّته، وكان يتم الاتفاق على إجابات بعض الأسئلة التي ربما تكون محرجة، والتي سيسأل عنها الناطق الرسمي في مؤتمره الصحفي اليومي، هذا المؤتمر يبدأ الساعة التاسعة من صباح كلِّ يوم؛ حيث يلقي الدكتور الرنتيسي بيانه، ثم يفتح المجال للأسئلة أمام وسائل الإعلام، وهذا المؤتمر الصحفي تحضره وسائل الإعلام اللبنانية والعالمية، ثم يقوم بعد ذلك الدكتور عزيز دويك الناطق باللغة الإنجليزية بترجمة إجاباته إلى الإعلام الأجنبي الموجود.

 لقد كان الدكتور الرنتيسي- رحمة الله عليه- يعمل قرابة العشرين ساعة، وكان يطلب من الشباب أن يوفروا له شيئًا من الراحة لينام لبضع الوقت؛ لأن الإعلام كان يطارده طوال الوقت, أما لجنة العلاقات العامة فهي مكونة من رجال يتقنون كلَّ اللغات.. الإنجليزية والإسبانية والروسية والإيطالية حتى الألمانية؛ لاستقبال الضيوف والوفود الإعلامية، وتوفير ما يلزم حتى الضيافة والمنامات لِمَن أراد المكوث، وكل ما يلزم لرجال الصحافة من بطاريات وأجهزة الشحن الكهربائي وأشرطة الفيديو، وحتى الأسلاك، لقد أقيمت لذلك الغرفة الإعلامية لإنتاج الأفلام وإرسال الرسائل الإعلامية المباشرة.

أما لجنة صناعة الحدث التي كان لها اجتماعان في الأسبوع فكانت تتابع مجريات الأحداث ثم تضع الخطط لاستباق الحدث، ثم صناعة حدث في مرج الزهور يستقطب الأنظار، ويوجه الرأي العام إلى مرج الزهور؛ لإفشال ذلك الحدث والتقليل من خطورته، ومن ذلك كانت إحدى المسيرات الضخمة موجهة إلى الشارع الفلسطيني، والتي شكلت ضغطًا على الوفد المفاوض أن يمتنع عن الذهاب إلى المفاوضات، وقضية المبعدين قائمة، ثم مسيرة الأكفان التي استنفرت العالم العربي، فكانت تبث على الهواء مباشرة عبر محطات الراديو والتلفزة، فكانت لها رسائل موجهة إلى أكثر من طرف تزامن معها مسيرات موازية في ألمانيا والسودان وغيرهما.

لقد كانت المسيرات تحاط بالسرية الكاملة، ولا أحد يعرف وجهتها حتى المبعدون إلا لحظة انطلاقتها، حيث يعلن الناطق الرسمي عن ذلك.

وأمام كل ذلك شعر الكيان الصهيوني بحجم الكارثة والورطة التي وقع فيها، واعترف بذلك قادته فأعلن عن ما يسمى بالصفقة الأمريكية التي وافق عليها العرب بالإجماع، وجاءت بعض القيادات الفتحاوية لأول مرة إلى مرج الزهور؛ لتسويق الصفقة التي تقضي بعودة (101) من المبعدين على أن يعود الباقون بعد سنتين وبعد الاستئناف للمحاكم الصهيونية، وجاء وزير خارجية أمريكا (كريس توفر) إلى سوريا، طالبًا من القيادة السورية الضغط باتجاه قبول المبعدين بالصفقة الأمريكية التي رفضها المبعدون، وكان رد القيادة السورية أن هذا شأن يخص المبعدين، وأن هؤلاء (مشايخ ورجال دين) أقسموا اليمين على رفض الصفقة وهم مصرون على العودة الجماعية.

قادة إسرائيليون لا يزالون إلى اليوم يتحدثون عن حماقة رابين وعن كارثية حدث الإبعاد الذي حول حماس من حركة محلية إلى حركة عالمية، أبرزت قيادات الحركة، كما قال مراسل الـ(C.N.N) عنهم، إنهم مرتبون نظيفون أكاديميون مثقفون مبتسمون دائمًا.

في أحد الأيام وصلت شاحنة مساعدات، وكان عدد الذين أشرفوا على إنزال حمولتها (ستة فقط)، وكانت شبكة (C.N.N) تصور المشهد، فتوجه مراسل الشبكة إلى الشهيد جمال منصور قائلاً: أين الناس؟ قال: في الخيام, قال المراسل لماذا لا نرى أحدًا منهم؟ قال: لا ضرورة لذلك، فهذا العدد يكفي لإنزال الشاحنة وإرسال حمولتها إلى المخزن, فقال المراسل: أي عالم أنتم أنا صورت بكاميرتي ما حصل بعد زلزال فلوريدا؟ كيف اندفع الناس إلى مهاجمة شاحنات المساعدات ونهبها وحرق بعضها وانتهت العملية بسقوط 150 قتيلاً..؟!.

وأخيرًا لا بدَّ أن نسجل هنا موقف الشهيد الدكتور عبد العزيز الرنتيسي عند عودتنا؛ حيث أصرَّ على أن يكون شخصيًّا آخر مَن يدخل معبر "زمريا"؛ ليتأكد من دخول الجميع كما أصرَّ هو على أخذ قائمة أسماء المبعدين ومناداة المبعدين بالدخول بنفسه، وكان الضباط يتهامسون فيما بينهم أين الرنتيسي؟ ولما أقبل- رحمه الله- وقف جميع مَن دخل من المبعدين لاستقباله، فتلقاه صحفي عسكري عرف نفسه أنه مراسل تليفزيون الشرق الأوسط، وسأل: بعدما حصل لكم من معاناة هاأنتم تعودون ماذا ستفعلون.. سلطة فلسطينية وعمليه سلمية وواقع جديد؟ قال الدكتور: العملية السلمية متعثرة: قال: وأنتم ماذا فاعلون قال: باختصار نحن في معظمنا لاجئون، وحقنا في بلدنا فلسطين كاملة من نهرها حتى بحرها مهما طال الزمن وهنا ضج "زمريا" المعبر العسكري الصهيوني المحصَّن بتكبير المبعدين، وارتجت معه سفوح الجبال المحيطة جبال لبنان والجليل..!.

رحم الله شهداء مرج الزهور, الشهيد الأول عبد الرحمن العاروري- الذي صفي أمام زوجته وأبنائه- ثم تتابعت مسيرة الشهداء أفرادًا وقادة حتى كان الشهداء الأبرار جمال منصور وجمال سليم وصلاح دروزة وإخوانهم، ثم كان أبا محمد الرنتيسي الذي فجع بفراقه كلَّ مَن عرفه وأحبه؛ فاستحق بكل جدارة الناطق الرسمي- ليس باسم المبعدين فحسب- بل ناطقًا رسميًّا باسم كلِّ أبناء الأمة، بل كل أحرار العالم ولا تزال قوافل شهداء مرج الزهور تترى وتتتابع على مذبح الحرية حتى كان آخرهم كمال أبو طعيمة الشهيد المظلوم الذي قضى تحت سياط الجلادين من أبناء الأمة، وسيبقى مرج الزهور وذكرياته محط آمال لا نقطة آلام كما خطط لها الأعداء، لقد انقلب خيرًا كلًّه ومنحة ربانية بعد أن خُطط أن يكون محنة وإيلامًا، وبعد هذه الأعوام الطويلة أين حماس الآن وأين الآخرون؟.. سؤال نتركه ليجيب عنه (مَن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد).

-------------
نقلا عن موقع اخوان اون لاين
* عضو الكتلة البرلمانية للإصلاح والتغيير بالمجلس التشريعي الفلسطيني- الضفة الغربية.