بقلم/ محمد السيسي
والتزوير جريمة سياسية وأخلاقية تنال من مشروعية النظام الحاكم ،لأن الشعب هو المنوط به اختيار ممثليه ،وإذا تعرض الصوت الانتخابي للتزوير فقد شاب العملية الانتخابية برمتها الزيف والبطلان.
ولأن الشعب وحده صاحب السيادة وهو مصدر السلطات وطبقاً للمادة 3 من الدستور المصري فقد أناط بالشعب ممارسة هذه السيادة وحمايتها ،ولاشك أن مواجهة الشعب بكل الوسائل لجرائم التزوير هو من أوجب واجبات الحماية للسيادة التي كفلها الدستور للشعب.
مواجهة التزوير والإصرار على الحق في الانتخاب واجب وطني:-
أوجب الدستور في المادة 62 على المواطنين الإسهام في الحياة العامة ،ومن بين أوجه المساهمة هي الممارسة لحق الانتخاب وإبداء الرأي في الاستفتاء وفقاً لأحكام القانون
وإذا كان الدستور في المادة 88 منه قبل التعديل قد أناط بالهيئات القضائية الإشراف على الانتخابات بهدف حماية وصيانة حق الشعب في المساهمة في الحياة العامة وأداء واجب وحق الانتخاب وممارسة السيادة الشعبية قد أدى إلى كبح جماح التزوير بنسبة كبيرة في 2005 ،وأدى ذلك إلى المسارعة نحو تعديل المادة في عدوان خطير على سيادة الشعب وحقه في الممارسة الديمقراطية بأن حدد إجراء الانتخابات في يوم واحد مما يصعب معه مشاركة القضاء فعلياً في الإشراف على الانتخابات ،وأناط الإشراف عليها للجنة عليا تشكل من أعضاء من هيئات قضائية سابقين وحاليين ومن غيرهم وتتولى هي تشكيل اللجان العامة واللجان التي تباشر إجراءات الاقتراع ولجان الفرز ونص فقط على أن تكون اللجان العامة من أعضاء من هيئات قضائية مما يعني أن اللجان الفرعية من غير الهيئات القضائية من موظفي الدولة الذين يأتمرون بأوامر رؤسائهم ولا يهتمون بالاستقلال والحيدة وهم عرضة لوقوع انتهاكات وجرائم التزوير والبلطجة والاعتداء على حريات الناس وحقوقهم
وللأسف فقد أناط الدستور في المادة 93 منه بمجلس الشعب فقط الفصل في صحة عضوية أعضائه ،وقلص صلاحية محكمة النقض بالتحقيق في صحة الطعون المقدمة إلى المجلس ،وتقرير محكمة النقض ما هو إلا نتيجة التحقيق والرأي ،ولا تعتبر العضوية باطلة إلا بقرار يصدر بأغلبية ثلثي أعضاء المجلس
ومعلوم أن الأغلبية هي أغلبية ميكانيكية للحزب الوطني ونراها تكيل بمكيالين ،ولا قيمة لتقرير محكمة النقض إذا لم يكن تقريرها حكماً ملزماً
ضرورة إبعاد وزارة الداخلية من العملية الانتخابية برمتها:-
تزوير الانتخابات لا يمكن أن يتم إلا بأشراف وتوجيه وأوامر مباشرة من أجهزة وزارة الداخلية ،سواء كان التزوير بغرض إبعاد إصلاحيين أو منتمين لحركات سياسية إسلامية ووطنية وقومية أو شعبية لصالح مرشحين أخرين لا يتمتعون بأية فرصة حقيقية للفوز في الحزب الوطني أو أحزاب ورقية هشة عقدت صفقة تحت ترابيزة التوافق مع المصالح العليا للحزب الحاكم مثلما رأينا في انتخابات الشورى 2010 فاز فيها مرشحين من أحزاب الغد والتجمع والجيل وهم معدومي الفرص في مواجهة مرشحين تكاد تكون فرصهم مضمونة لو أجريت الانتخابات بنزاهة وشفافية
ولتقريب نموذج واضح ،ما حدث في انتخابات دائرة الجيزة والتي فاز فيها مرشح حزب الغد ضد مرشحين احدهما ينتمي للحزب الوطني وآخر ينتمي للتيار الإسلامي (الإخوان المسلمون) ،وكانت الفرصة الحقيقية واضحة لصالح مرشح التيار الإسلامي واعلن قبل إجراء الانتخابات من الصفقة بين الحزب الوطني والغد عن فوز مرشح الغد ليتمكن من خوض الانتخابات الرئاسية في مسرحية هزلية عن شرعية نظام الحكم في مصر وأعلن مرشح الحزب الوطني أنه لا توجد صفقه وأن الحزب الوطني يتمتع بشعبية جماهيرية ولا يحتاج صفقات وأن الانتخابات ستجرى بنزاهة ،وهو نفسه قد أعلن بعد إعلان هزيمته أن هذه صفقة قذرة أجراها أحمد عز من خلف ظهره وهدد ووعد ثم سكت وبلع لسانه إذن ،فالتزوير جريمة سياسية وأخلاقية يرتكبها النظام بفضل القهر البوليسي والحصار الأمني والهيمنة على سجلات الناخبين وامتلاء الجداول بأسماء الموتى والمجندين والمسافرين والمعفيين والمحرومين من مباشرة الحقوق السياسية ،والقيد الجماعي لعمال الشركات والمصانع ،وكل هذا يتم بإيعاز وإنجاز من السلطة ومعاونيها والحزب الحاكم.

ووزارة الداخلية تتولى تقسيم الدوائر وإجراءات الترشيح وتحد من صلاحيات اللجنة العليا بشكل كامل ،فالمرشحون يتقدمون بطلبات الترشيح إلى مديرية الأمن ووزير الداخلية هو الذي يحدد المستندات المطلوبة ،وله سلطة تقرير الإجراءات التي تتخذ بالنسبة لتقديم الطلبات
ولوزير الداخلية ممثل له في لجنتين يشكلهما الوزير احداهما لفحص طلبات الترشيح وأخرى لفحص الاعتراضات بشأن الترشيح ،وتعرض كشوف المرشحين في الدائرة بالطريقة التي يحددها الوزير ،وقيام المرشح بالتنازل يكون موجهاً إلى مديرية الأمن
لوزير الداخلية وحده سلطة الموافقة على قيام اللجنة العليا بتحديد عدد اللجان العامة والفرعية وتحديد مقارها ،كما أن وزير الداخلية وحده هو الذي يضع اللائحة التنفيذية لقانون مباشرة الحقوق السياسية وله وحده تحديد موعد أي انتخابات تكميلية
وحتى نمنع التزوير لابد من إبعاد وزارة الداخلية عن العملية الانتخابية برمتها ،وهذا هو مدخل الإصلاح
الجوانب التشريعية والقانونية للانتخابات:-
· الجمع بين السلطتين التشريعية والتنفيذية:-
أثارت المادة 124 من الدستور جدلاً كبيراً بسبب جواز عضوية رئيس مجلس الوزراء ونوابه والوزراء ونوابهم لمجلس الشعب وجواز حضور غير لأعضاء منهم الجلسات العامة واللجان ويعد هذا انتهاكاً لمبدأ الفصل بين السلطات الذي أكد عليه الدستور
· صفة العامل والفلاح:-
تنص المادة 87 من الدستور على أن يكون نصف عدد أعضاء المجلس على الأقل من العمال والفلاحين ،وحددت المادة الثانية من القانون رقم 38 لسنه 1972 المتعلق بمجلس الشعب المقصود بصفة الفلاح والعمال واشترطت للفلاح أن يكون الزراعة عمله الوحيد ،ومصدر دخله الرئيسي وأن يكون مقيماً بالريف وألا يحوز هو وزوجته وأولاده القصر ملكاً أو إيجار أكثر من عشرة أفدنه ،واشترطت في العامل أن يكون دخله من عمل أو حرفة يدوية وألا يكون مقيداً بنقابة مهنية أو حاصلاً على مؤهل عال قبل قيده بالنقابة العمالية
ولوحظ أن أكثر من 75% من الطعون المقدمة لمجلس الدولة طعون خاصة بصفة العامل بسبب اختلاف الظروف التي وضع فيها القانون اختلافاً كثيراً من المناخ الذي نعيشه الأن
· الحرمان من مباشرة الحقوق السياسية:-
تنص المادة 2 من قانون مباشرة الحقوق السياسية رقم 73 / 1956 (على أن يحرم من مباشرة الحقوق السياسية المحكوم علية في جناية ما لم يكن قد رد إلية اعتباره ).
وبسبب هذه المادة تم الزج بالعشرات من السياسيين أمام قضاء عسكري يفتقد لضمانات التكافؤ والعدالة والنزاهة ليزج بأهل السياسة في السجون ، ومن ثم حرمانهم من مباشرة حقوقهم السياسية .
· إجراءات الفرز :
يتم الفرز بمعرفة اللجنة العامة (رئيسها) وعضوية اثنين من رؤساء اللجان الفرعية وأمين اللجنة العامة وبحضور رئيس اللجنة الفرعية أثناء فرز لجنته الفرعية ، وللجنة أن تعهد إليه بإجراء هذا الفرز تحت إشرافها .
والواقع العملي يؤكد أن انفراد رئيس اللجنة العامة بعملية الرصد والجمع وسرية الإجراءات وإبعاد المراقبين ومندوبي المرشحين يبطل الإجراءات المتبعة في اللجنة العامة ويبطل الانتخابات .
· تخصيص رمزي الهلال والجمل لمرشحي الحزب الحاكم :
· اللجنة العليا للانتخابات :-
يتضح من ممارستها أنها لجنة صورية لا قيمة لها والممارسة العملية لها منذ الانتخابات الرئاسية وانتخابات مجلسي الشعب والشورى الماضيتين تؤكد أن اللجنة رهينة وزارة الداخلية ولا دور لها على الإطلاق
· كيفية مواجهة التزوير:-
1. إبعاد وزارة الداخلية عن العملية الانتخابية برمتها
2. الحشد الجماهيري للناخبين أمام صناديق الاقتراع
3. حراسة الصناديق وحضور المرشحين ومندوبيهم عمليات الفرز
4. مراقبة المجتمع المدني والمحلي والدولي
5. حضور أعلامي قوي يرصد الانتهاكات
6. التقدم بطعون أمام مجلس الدولة ضد أي انتهاكات تتعلق بالترشيح أو الدعاية أو التوكيلات والمندوبين أو الفرز أو إعلان النتيجة ،وتدريب فريق من المحامين على القيام بهذا الدور
7. الشكوى للهيئات الدولية المعنية بحقوق الإنسان والحقوق والاقتصادية و الاجتماعية والسياسية
8. الاعتصام والتظاهر والإضراب بالوسائل السلمية
9. محاكمة المزورين وملاحقتهم قضائياً
10. الإشراف القضائي التام على الانتخابات بجميع مراحلها
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق